متلازمة اسبرجر

متلازمة أسبرجر

متلازمة اسبرجر

متلازمة أسبرجر هي أحد الاضطرابات النمائية التي تندرج ضمن ما يُعرف بـ اضطراب طيف التوحد. وتُصنَّف على أنها من أشكال التوحد الخفيفة أو “عالية الأداء”، نظرًا لأن المصابين بها لا يعانون من تأخر عقلي أو لغوي، بل يتمتعون غالبًا بقدرات معرفية جيدة أو حتى فوق المتوسط في بعض الأحيان.

تم اكتشاف هذه المتلازمة لأول مرة في الأربعينيات من القرن الماضي على يد الطبيب النمساوي هانس أسبرجر، حيث لاحظ وجود أطفال يواجهون صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين، رغم امتلاكهم مهارات معرفية متقدمة واهتمامات خاصة واستثنائية.


خصائص متلازمة أسبرجر

يظهر الأطفال والبالغون المصابون بمتلازمة أسبرجر بمجموعة من الخصائص والسلوكيات التي قد تختلف من شخص لآخر، ولكن أبرزها:

  • صعوبات في التفاعل الاجتماعي: يجد الشخص صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية، مثل تعابير الوجه، ونبرة الصوت، ولغة الجسد. كما قد يواجه تحديات في تكوين الصداقات أو الحفاظ عليها.
  • التواصل غير اللفظي الضعيف: قد يفتقر المصاب إلى استخدام الإيماءات أو التواصل البصري الطبيعي أثناء الحديث.
  • اهتمامات محددة ومركزة: يطور البعض اهتمامًا شديدًا بمواضيع معينة، مثل القطارات، أو الكواكب، أو الرياضيات، ويقضون وقتًا طويلًا في التعمق فيها بشكل يفوق المعتاد.
  • سلوكيات متكررة وروتين صارم: يفضل المصابون بـ أسبرجر الروتين ويشعرون بالارتباك عند تغييره. كما قد يظهرون حركات متكررة مثل التأرجح أو رفرفة اليدين.
  • قدرات لغوية ومعرفية جيدة: على عكس بعض أشكال التوحد الأخرى، فإن المصابين بأسبرجر عادة لا يعانون من تأخر في الكلام. في الواقع، قد يتحدثون بطريقة رسمية أو متقدمة عن أعمارهم.

هل لا تزال تُستخدم تسمية “متلازمة أسبرجر”؟

في الماضي، كان يُشخص هذا الاضطراب بشكل مستقل تحت مسمى “متلازمة أسبرجر”. ولكن منذ عام 2013، ومع صدور الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، تم دمج التشخيص تحت المسمى العام: اضطراب طيف التوحد (Autism Spectrum Disorder).

ورغم هذا التحديث الطبي، لا يزال مصطلح “أسبرجر” يُستخدم شعبيًا وفي بعض الأوساط الطبية، وخاصة في الإشارة إلى الأشخاص الذين يُظهرون خصائص توحد خفيفة مع أداء معرفي ولغوي سليم.


الفرق بين متلازمة أسبرجر والتوحد الكلاسيكي

فيما يلي بعض الفروقات الأساسية:

وجه المقارنةمتلازمة أسبرجرالتوحد الكلاسيكي
المهارات اللغويةلا يوجد تأخر لغويتأخر واضح في تطور اللغة
القدرات العقليةغالبًا معدل ذكاء طبيعي أو أعلىقد تتفاوت بين الطبيعي والمنخفض
الحاجة إلى الدعمأقل نسبيًاأكثر حسب شدة الحالة
فهم العالم الاجتماعيمحدود، لكن أفضل من الحالات الشديدةصعوبة كبيرة في التفاعل الاجتماعي
الروتين والسلوكياتموجودة، ولكن بشكل أكثر مرونةعادةً أكثر صرامة وتكرارًا

الانتشار بين الجنسين

تشير الإحصاءات إلى أن متلازمة أسبرجر تظهر بنسبة أكبر بين الذكور مقارنة بالإناث. ومع ذلك، يرى بعض الباحثين أن العديد من الحالات عند الإناث قد لا تُشخص بدقة، لأن الفتيات غالبًا ما يتمتعن بقدرة أكبر على إخفاء أو تعويض بعض الأعراض الاجتماعية، ما يؤدي إلى تشخيص متأخر أو خاطئ.


ماذا عن الذكاء والموهبة؟

من أبرز ما يميز بعض المصابين بمتلازمة أسبرجر هو امتلاكهم ذكاء مرتفعًا أو موهبة استثنائية في مجال محدد، مثل الرياضيات، أو البرمجة، أو الفن، أو الموسيقى.
ويُعتقد أن العديد من العلماء والفنانين والمبدعين المعروفين – سواء من التاريخ أو الحاضر – أظهروا خصائص مشابهة لمتلازمة أسبرجر.

ومع ذلك، لا يمكن تعميم ذلك، فالمهارات تختلف من شخص إلى آخر، وهناك من يعاني صعوبات في مجالات دراسية أو اجتماعية رغم تمتعه بقدرات معينة.


هل يمكن التكيف والعيش بشكل طبيعي؟

نعم. كثير من الأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر قادرون على إكمال تعليمهم، والانخراط في سوق العمل، وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة إذا تم توفير الدعم المناسب في وقت مبكر.

من أبرز وسائل الدعم:

  • العلاج السلوكي والتدريب على المهارات الاجتماعية.
  • الدعم الأسري والتعليمي المستمر.
  • البيئة المدرسية المناسبة التي تراعي احتياجاتهم.
  • في بعض الحالات: تدخل علاجي نفسي أو دوائي للتعامل مع القلق أو الاكتئاب المصاحب.

الخلاصة

متلازمة أسبرجر هي حالة فريدة تقع ضمن طيف التوحد، تتميز بصعوبات في التفاعل الاجتماعي، مع احتفاظ المصاب بقدرات لغوية ومعرفية سليمة. ورغم التحديات، يمكن للعديد من المصابين أن يحققوا حياة ناجحة ومستقلة إذا حصلوا على الدعم المناسب في الوقت المناسب.


تواصل معنا


Call Now Button