ما هو اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية؟
ما هو اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية؟ إن اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية هو حالة نفسية معقدة تمر بها بعض النساء في الأيام التي تسبق بداية الدورة الشهرية. ما يميّز هذه الحالة هو التغيرات العاطفية والنفسية الحادة التي قد تؤثر على المزاج والسلوك والنشاط اليومي، وتختلف بشكل واضح عن التقلبات المزاجية الخفيفة التي قد تكون شائعة لدى أغلب النساء.
البعض قد يظن أن هذا الاكتئاب مجرد مبالغة أو حالة “دلع”، لكن الحقيقة أنه مشكلة حقيقية ومعترف بها طبيًا، وقد تصل في بعض الحالات إلى مستوى شديد من الاكتئاب يتطلب تدخلًا نفسيًا أو طبيًا. يُصنف هذا النوع من الاكتئاب ضمن الاضطرابات المرتبطة بالدورة الشهرية، وتحديدًا ضمن “اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي” (PMDD)، وهو أشد أنواع الاكتئاب المرتبط بالحيض.
ما يجعل هذه الحالة معقدة هو تداخل الأعراض الجسدية مع النفسية، مما يصعّب على المرأة في بعض الأحيان تحديد السبب الحقيقي لمزاجها السيء، أهو الإرهاق البدني أم اضطراب الهرمونات أم مشكلة نفسية أعمق؟ كل هذه الأسئلة تجعل من الضروري فهم الحالة بشكل علمي ومبسط.
تواصل معنا
تعريف الحالة والفرق بينها وبين التقلبات المزاجية العادية
ما هو اكتئاب ما قبل الحيض من الناحية النفسية والطبية؟
من الناحية الطبية، يُصنف اكتئاب ما قبل الدورة كحالة مؤقتة تحدث بسبب التغيرات الهرمونية في الجسم، خصوصًا انخفاض مستويات الإستروجين والبروجستيرون. هذه الهرمونات لا تتحكم فقط في الخصوبة والدورة الشهرية، بل تؤثر أيضًا على كيمياء الدماغ، خاصة تلك المرتبطة بالسيروتونين والدوبامين—وهما المسؤولان عن تحسين المزاج والتحكم في المشاعر.
في الحالات العادية، يمكن أن تشعر المرأة بشيء من الحزن أو التوتر قبل موعد الدورة، لكن في حالة الاكتئاب السابق للطمث، تأخذ هذه الأعراض شكلًا أكثر حدة، لدرجة قد تُعطل الروتين اليومي بالكامل، كالبقاء في الفراش لأيام، فقدان الشهية أو الإفراط فيها، الانعزال الاجتماعي، وحتى التفكير السلبي المستمر.
الفرق بين الاكتئاب السابق للطمث والتقلبات المزاجية اليومية
الفرق الجوهري بين الحالتين هو في الشدة والاستمرارية. التقلبات المزاجية اليومية غالبًا ما تكون خفيفة ومؤقتة، وقد تزول بمجرد النوم الجيد أو الراحة أو ممارسة الرياضة. أما اكتئاب ما قبل الحيض، فهو لا يزول بهذه السهولة، ويأتي مصحوبًا بأعراض أكثر تعقيدًا مثل:
- الشعور بعدم القيمة أو الذنب
- التفكير السلبي الدائم
- نوبات بكاء بدون سبب واضح
- صعوبة في التركيز
- اضطرابات نوم حادة (أرق أو نوم مفرط)
وبالتالي، لا يمكن تجاهل هذه الحالة على أنها مجرد “مزاج متعكر”، بل يجب التعامل معها بوعي ومتابعة طبية إذا استمرت أو أثرت على جودة الحياة.
تواصل معنا
الفرق بين متلازمة ما قبل الحيض (PMS) واضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي (PMDD)
التعريف الطبي بكل من PMS وPMDD
PMS (Premenstrual Syndrome): هي مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية تظهر عادة قبل أسبوع إلى عشرة أيام من الدورة الشهرية. تشمل تقلبات مزاجية خفيفة، آلام في الثدي، انتفاخ، تغيرات في الشهية، وحساسية مفرطة.
PMDD (Premenstrual Dysphoric Disorder): هي حالة أكثر حدة ونادرة نسبيًا تصيب ما بين 3% إلى 8% من النساء. تشمل نفس أعراض الـPMS ولكنها تكون شديدة لدرجة قد تؤثر على العلاقات الاجتماعية، الحياة العملية، وحتى القدرة على القيام بالمهام اليومية.
مقارنة بين الأعراض، الشدة، ومدى التأثير على الحياة اليومية
| العنصر | PMS | PMDD |
| الشدة | خفيفة إلى متوسطة | شديدة جدًا |
| مدة الأعراض | 5-10 أيام قبل الحيض | 7-14 يوم قبل الحيض |
| التأثير على الحياة | تأثير طفيف | تعطيل كامل للروتين اليومي |
| الأعراض النفسية | توتر، مزاجية | اكتئاب حاد، نوبات بكاء، قلق مزمن |
| العلاج | نمط حياة صحي، أدوية بسيطة | تدخل طبي ونفسي مكثف |
شرح طبي مبسط للفروق بين الحالتين
لماذا تُعتبر PMDD حالة مرضية تحتاج علاجًا؟
PMDD لا يُعتبر تقلبًا عابرًا، بل يُصنّف كاضطراب نفسي حقيقي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). السبب الرئيسي هو أن شدة الأعراض تعادل حالات الاكتئاب السريري وتستوجب علاجًا سلوكيًا ودوائيًا. الأدوية المستخدمة في هذه الحالة تشمل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، وبعض أنواع موانع الحمل الهرمونية التي تُعدل من تأثيرات الهرمونات على الدماغ.
التشخيص العلمي لكل حالة على حدة
يتم التشخيص من خلال متابعة الأعراض لمدة شهرين على الأقل، وتسجيل تكرارها وشدتها. يمكن للطبيب أن يطلب إجراء تحاليل هرمونية لاستبعاد الأسباب الأخرى مثل قصور الغدة الدرقية أو اضطرابات الغدة الكظرية. التشخيص الدقيق هو المفتاح لاختيار العلاج المناسب، سواء كان دوائيًا، نفسيًا، أو نمط حياة صحي.
تواصل معنا
الأعراض النفسية الشائعة لاكتئاب ما قبل الدورة
الحزن العميق
واحدة من أكثر العلامات وضوحًا، وتشعر فيها المرأة بأنها “مكسورة من الداخل” دون وجود سبب واضح. قد يظهر هذا في البكاء المستمر أو في العزلة التامة عن الناس. الحزن هنا لا يزول بسهولة، ولا يتعلق بموقف معين، بل هو شعور عام بالأسى والحزن القاتم.
القلق والتوتر
تشعر بعض النساء كما لو أن شيئًا سيئًا سيحدث، رغم عدم وجود أي دلائل على ذلك. يصبح القلق مزمنًا ومبالغًا فيه، ويؤثر على النوم والتركيز وحتى الشهية.
الانفصال العاطفي وفقدان الاهتمام
حتى الأنشطة التي كانت تفرحك سابقًا، تصبح فجأة غير مجدية أو مملة. تجدين نفسك تتهربين من التحدث مع الناس، وتفضلين البقاء بمفردكِ. هذا الانفصال العاطفي هو جزء أساسي من الاكتئاب ما قبل الدورة ويجب الانتباه له.
